بعض أركان الإيمان الباطنة
ثم فصل هذا بشيء من التفصيل فقال: (فمن أركانه: التسليم لأمر الله، والرضا بقدر الله، والتفويض إلى الله، والتوكل على الله). ومعلوم أن الأركان هي أركان الإسلام ومبانيه الخمس الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه أراد شيئاً آخر من أركان الإيمان التي لا يكون العبد مؤمناً إلا بها، وهذه الأركان هي التسليم لأمر الله والرضى بقدر الله، وأمر الله تبارك وتعالى نوعان:الأول: الأمر الكوني أو القدري.الثاني: الأمر الشرعي الديني. فالواجب على العباد بالنسبة للأمر الشرعي الديني الاتباع والانقياد والتسليم والإذعان، فمن لم يفعل ذلك فليس بمؤمن، وبكمال الإذعان والانقياد والتسليم يكمل الإيمان، ومن هنا سمي الإسلام إسلاماً، فقال تعالى: (( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ))[النساء:125]، وقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ))[البقرة:208]، وفي آية أخرى: (( وَأَسْلِمُوا لَهُ ))[الزمر:54]، فالإسلام لله تبارك وتعالى هو الإذعان والقبول والانقياد والاتباع والطاعة لأمره الديني الشرعي. وأما أمره الكوني القدري فالواجب على العباد فيه هو الصبر والرضا، بمعنى: أن يعلموا أنه من عند الله، وأن ما قدر الله لا بد من أن يقع، فيعتقد المسلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الخير أو الشر كله بقدر الله تبارك وتعالى، ولا يملك العباد منه شيئاً.